Friday, September 2, 2011

بعد منتصف الليل.. أم كلثوم لا تزال تغني في باريس ..!


أجواء الحفلة الأولى الاثنين 13 نوفمبر 1967 صالة الأولمبيا باريس


الذين ذهبوا لسماع أم كلثوم شهدوا قداسا دينيا 
جريدة فرنس سوار
العمال بجانب السفراء وأمراء الأسرة الحاكمة بالسعودية في الصف الأول وأعضاء من الأسرة المالكة بالمغرب في القاعة وأنباء عن حضور ملك الأردن متنكرا .
الفرنسيون واليهود الشرقيون كانوا في الموعد.
أرقام قياسية لأم كلثوم في الاولمبيا : حصلت على أعلى أجر يناله مطرب من الاولمبيا حتى ذلك التاريخ وانتزعت أكبر مدة تصفيق متواصل وصارت أول مطرب تعقد له جلسة استراحة بعد أداء أغنية واحدة فقط .
الحفلة امتدت لأكثر من خمس ساعات

مدخل صالة الاولمبيا ليلة الحفلة

سيبقى يوم 13نوفمبر 1967 يوما مشهودا في تاريخ صالة الاولمبيا ، غصت جميع جنبات الصالة بالحضورمن كل أطياف الطبقات الاجتماعية العمال بجانب السفراء ، أمراء الأسرة الحاكمة بالسعودية حجزوا الصف الأول وكان في القاعة أعضاء من الأسرة المالكة في المغرب وتحكي الأسطورة أن الملك الحسين بن طلال عاهل الأردن حضر الحفلة متنكرا وحضر يقول كوكاتريكس زوار غير مألوفين في الأولمبيا قطعوا الاف الكليومترات لحضور الحفل ، الفرنسيون احتلوا 20 % من المقاعد رغم حاجز اللغة ، اليهود الشرقيون حضروا بكثافة ويروي كوكاتريكس مدير الاولمبيا أنه لمح أحد أصدقائه اليهود فاستغرب من وجوده فأجابه الأخير إنها أم كلثوم .
في الصالة كما في الخارج في شارع كان هنالك مخبرون سريون تحسباً لوقوع أحداث قد تأتي من بعض المناوئين للقضية العربية ولحضور أم كلثوم لباريس خصوصا الجماعات الصهيونية.
من الناحية التاريخية صارت أم كلثوم ثاني امرأة إفريقية تغني في الأولمبيا بعد الجنوب إفريقية مريام ميكيبا لكنها صارت أغلى نجم يغني بالاولمبيا بحصولها على أعلى أجردفعته الصالة لفنان عالمي حتى ذلك التاريخ.

حضرت أم كلثوم كعادتها قبل بداية الحفل بساعة ، رفضت ولوج الغرفة المخصصة لاستبدال الفنانين لثيابهم التي هيئت لها وملأت بالورود وجلست على الكرسي تنتظرساعة الصفر
ثومة تستعد للغناء في باريس

رفع الستار وظهرت أم كلثوم ترتدي فستانا أخضر وورائها أفراد فرقتها الموسيقية بلباس السموكينغ ، ضجت القاعة بعاصفة من التصفيق ويقول كوكاتريكس إنه لم يشهد في تاريخ الاولمبيا كله تصفيقا مثل الذي استقبلت به أم كلثوم فقد دام التصفيق المتواصل عشر دقائق كاملة مما شكل رقما قياسيا جديدا في الأولمبيا ، أثناء عزف المقدمة الموسيقية الذي دام سبع دقائق ظلت أم كلثوم جالسة على الكرسي ترد برأسها على تحايا معجبيها أدت الوصلة التي دامت ساعة وعشرون دقيقة ثم توقفت في جلسة استراحة للجميع وكانت تلك أول مرة في تاريخ الأولمبيا تعقد جلسة استراحة بعد أداء المطرب أغنية واحدة فقط بعدها أدت الوصلة الثانية وكانت هنالك جلسة استراحة ثانية ثم الوصلة الثالثة ، كان تجاوب الجمهور كبيرا وعبرعن انسجامه بشتى الطرق بل إن البعض صعد المسرح محاولا الاحتكاك بالسيدة وتقبيلها . استمرت الحفلة أكثر من خمس ساعات ، فقد امتدت من التاسعة وخمسة وعشرون دقيقة مساء إلى الثانية وخمسة وثلاثون دقيقة صباحا كان حفلا كما قال الفرنسيون خارج النظم المعتادة ، ويقول كوكاتريكس أن المشهد الذي علق بذاكرته حين خروج الجمهور كان أرضية الصالة التي ملأت بقشور الفستق والفول السوداني وقتينات ماء الحياة ، كانت هذه الحفلة حدثا إسثتنائيا لن يتكرر حسب تعبيركوكاتريكس


شاب أستبد به الوجد فصعد إلي المسرح يقبل يد أم كلثوم

ماذا قالت الصحافة الفرنسية في أعقاب الحفلة الأولى؟ 

في عددها الصادر بتاريخ 14 نوفمبر 1968

جريدة لوفيغارو اليمنية الواسعة الانتشار

تخص الحفلة الأولى بتغطية خاصة
بعيد منصف الليل كانت أم كلثوم لا تزال تغني 
A minuit et demi Oum Kalsoum chantait toujours

للمرة الأولى منذ أن وجدت صالة الاولمبيا ، تمت جلسة الاستراحة هذه الليلة عقب الأغنية الأولى التي كانت طويلة وامتدت لساعة وعشرين دقيقة ، فالسيدة أم كلثوم النجمة الأولى في العالم العربي لم تعتد أن تقدم أعمالا ضحلة لاتحتاج إلى جهد وطول نفس .
كان كل شيء غير معتاد بدء بالصالة حيث جلس عمال البناء مع السفراء جنبا إلى جنب ، في ركن ما في الصالة تخفى الحسين ملك الأردن الشاب (لم ألمحه شخصيا لكن هكذا قيل لي) ، وكان هنالك الرسام كارزو المسلم الديانة (وهو أمر كنت أجهله ) ، بجانب مجموعة كبيرة من رجال الأمن .
وصلت السيدة أم كلثوم ساعة قبل بداية الحفل تتبعها مجموعتها المتكونة من تسعة وثلاثين فردا، رفضت ولوج مقصورة استبدال ثياب الفنانين التي أعدت لها وملأت بالورود ، وجلست على كرسي خلف الستارة تنتظر الجمهور كما ينتظر قائد عسكري العدو في ساحة المعركة .
في غضون الربع ساعة الأولى من وصلتها لم تقم بشيء يذكر سوى الجلوس والرد بإيماءات صغيرة برأسها لتحية عاصفة التصفيق التي اجتاحت القاعة ، كان مجرد حضورها يثير نوبات من الهستيريا وكان عشاقها يصعدون مقاعدهم بأرجلهم في جنون يلوحون بأيديهم ويطلقون صيحات في الهواء الرطب هي أقرب إلى همهمات غير مفهومة .
إن هذه الظاهرة تتجاوز كونها مجرد حدوثة أو طرفة ، ويعترف المتخصصون أنه لو قدر للعالم العربي أن يعرف وحدته يوما فلا شك سيجدها حول أم كلثوم .
بعيد منتصف كانت لا تزال تغني ، ويتخوف أن لا تسجيب لتطلعات عشاقها في حفلها الثاني الذي سيعقد 

تعليق الصحف العربية علي الحفلة


ماذا قالت الصحافة الفرنسية في أعقاب الحفلة الأولى؟ 
في عددها الصادر بتاريخ 14 نونبر 1968
لوموند جريدة فرنسا الأولى
تعود لتخص أم كلثوم بمقالة شاعرية جديدة كتبها مبعوثها إلى الحفلة إريك رولو
L'astre de l'orient à l'Olympia
كوكب الشرق في الأولمبيا 

ما إن رفعت الستارة إلا وبدأ الهيجان ، كانت الصالة تتصدع من التصفيق الحاد ، ظهرت كوكب الشرق التي أسرت العرب في مملكتها لعقود من الزمن ، ولمدة فاقت أربع ساعات سحرت أم كلثوم ملكة الطرب العربي جمهورها .
والمصرية قلما غادرت عاصمتها ، فعشاقها يحجون لسماعها كما يقصدون مكة ، فلحضور حفلتها الشهرية بالقاهرة ، يركب متوسطو الحال القطار أو الباخرة ، ويسـتأجر الآخرون الطائرة أما الفقراء فيتلاصقون حول جهاز الراديو ، مساء الاثنين اضطر مئات الطلبة العرب إلى الاقتصاد في نفقاتهم للحصول على تذكرة الحفلة العجيبة وعبرها متعة استحضار لحظاتها لسنوات قادمة .
كان جميع الممثلين الدبلوماسيين العرب من المحيط إلى الخليج الفارسي في الموعد ، وبدورهم أبى أمراء ورجال أعمال من السعودية والكويت والمغرب أن يتخلفواعن حفلة امتدت حتى الثانية صباحا .
تمنح هذه العملاقة المقدسة التي جاوزت الستين شعورا بقوة الإرادة ، بالصلابة والشموخ بالنظرة المتسلطة كل سحرها في صوتها العذب وإلقائها البلوي الشفاف .
لاتأسر المتفرجين كمجموعة وإنما كل فرد منهم على حدة ، فينشأ حوار حميمي عاطفي صاخب ، ويصير تواصل تام بين خشبة المسرح والصالة قوامه النغم في تأثير سحري لاتقطعه إلا ضربات بالأرجل على الأرض وصرخات النشوة . يثير البعد الشاعري للأغنية طرب البعض ودموع البعض الآخر ، ويطلق الإيقاع العنان لا شعوريا لحركات جسدية فتانة ، ولايتمالك البعض نفسه فيترك مقعده ويتخلع ليرسم خطوات بالرقص ، العيون مغمضة والوجوه كأنها معذبة بتأثير ألم داخلي حاد ، بصوت مخنوق من شدة الانفعال تدخل المطربة بجملة عاطفية معروفة – يبدو أنها المفضلة عند الرئيس عبد الناصر- ويبدو أنها في الظروف الحالية تأخد تأويلا جديدا : أعطني حريتي أطلق يديّا ، وينجلي الحزن العميق الذي خيّم على القاعة فجأة حين تنهي أم كلثوم الكوبليه بصرخة ثائرة : ما احتفاظي بعهود لم تصنها وإلامَ الأسْر والدنيا لديّا .

تحولت الأولمبيا إلي قاعة مدارية لسباق الدراجات في لياليها الكبيرة ، وقفت الصالة تصفق عن بكرة أبيها تصيح سعادتها ... تخطّى بعض الشباب طاقم المحافظة على النظام وغمروا المسرح وأحاطوا بالفنانة يقبلون يديها وأطراف فستانها




في المقال القادم : الحفلة الثانية في باريس ... عندما سقطت أم كلثوم علي المسرح ..!




*** شكر خاص لمنتدي سماعي علي ما يقدمه للهواة من معلومات قيمة موثقة

No comments:

Post a Comment